نكسة

في مثل هذا اليوم من عام 1967 كان عمري 10 سنوات كنت قد انهيت امتحانات القبول وهو الأسم القديم للشهادة الإبتدائية في رحلة العبث بالتعليم في بلدنا
المهم كنت استمتع بالإجازة وكانت متعتنا المتاحة اللعب بالشارع مابين كرة شراب او اللعب بالبلي او غطيان الكازوزة اذا لم يتوفر البلي ولكن هذا اليوم لم يسمح لنا اهالينا بالنزول الي الشارع وطبعا اعترضنا" هو احنا مش في اجازة " وكان الرد " ايوة بس في حرب " كانت معلوماتنا في هذا السن كافية ان نعرف ان عدونا رقم 1 هو اسرائيل يليها كل بلاد العالم التي تعادي الثورة طبعا كلمة الثورة كانت مابين كل كلمة و اخري .المد الثوري .اعداء الثورة . ثوار ثوار لاخر مدي الخ الخ الخ وكنا نشاهد الأولاد يدورون في مظاهرات صغيرة حول البيوت يهتفون
هنحارب اسرائيل الأنارب "جمع ارنب والخطا في الهجاء مقصود لمراعاة الوزن"
المهم بدانا نتابع اخبار الحرب في كلام ابائنا مع الجيران بكل فخر من الواضح اننا متفوقون بمراحل علي العصابات الصهيونية فطائراتهم تسقط مثل الذباب بعد رشه بالبخاخة " لم يكن البيروسول ظهر "و الدبابات يتم إصطيادها بالعشرات
وجنودنا البواسل علي ابواب تل ابيب وسوف نستمتع غدا برؤية موشيه ديان ابن العورة متكتف ويساق في شوارع القاهرة مثلما ساق احمس الهكسوس وهل جمال عبد الناصر اقل من احمس اليس مصريا مثله
بل اعددنا هتاف خاص لاستقباله "موشي ديان الهش الهش..ضرب مراته بطبق المش"
كنا مازلنا اطفال نخطو نحو الصبا
ولكن في اليوم التالي استيقظنا لنفاجئ بالصدمة المروعة لقد هزمنا
عن نفسي استيقظت علي صوت طائرة تخترق السماء سماء القاهرة وتمرح فيها بينما تطاردها قذائف الدفاع الجوي
كنا نسكن في اطراف القاهرة وبجوارنا معسكرات للجيش
قال احد الجيران ربما هي محاولة يائسة منهم ولكن الحقيقة ظهرت علي وجوه الكبار لقد هزمنا
بالنسبة لنا نحن الصبيان احسسنا اننا انضربنا علي قفانا وفي ذلك الوقت كان هذا يشكل اهانة كبيرة
بينما العادي الان ان ننضرب علي قفانا كل يوم دونما اي احساس بالمهانة
وفوجئت بوالدتي تعد حقائب السفر لنذهب كلنا الي بيت جدي بالعباسية فهناك الوضع امان
يعني مهجرين بس علي صغير بينما كان اهل مدن القناة ينزحون بالالاف الي محافظات الداخل هربا من اهوال الحرب
هذا بعض ما اتذكره من هذه الأيام التي لو كنا تعلمنا منها دروسا ما وصل بنا الحال الي هذا الدرك